تراجع حاد في الأسواق العالمية وسط مخاوف أوكرانيا وتأثر البورصات العربية

شهدت الأسواق المالية العالمية انحدارًا ملموسًا يوم أمس، حيث أدت المعارك الدائرة في الأراضي الأوكرانية إلى إحجام المستثمرين عن الإقبال على شراء الأسهم، وتفضيلهم الابتعاد عن المخاطرة.
ووفقًا لـ "الفرنسية"، هوت بورصة باريس بنسبة 3.30 في المائة، مسجلة بذلك أسوأ أداء أسبوعي لها منذ شهر آذار (مارس) من عام 2020، في حين تراجعت بورصة فرانكفورت بنسبة 3.38 في المائة، مقتربة بذلك من أدنى مستوياتها منذ شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 2020. كما تكبدت بورصة لندن خسائر بنسبة 3 في المائة خلال تعاملات يوم أمس، في حين بلغت خسائر بورصة ميلانو 3.70 في المائة.
وفي قارة آسيا، وبعد تسجيل خسائر تجاوزت حاجز الـ 3 في المائة في أعقاب الإعلان عن قصف المنشأة النووية في أوكرانيا، شهدت الأسواق المالية تحسنًا طفيفًا. واختتمت بورصات طوكيو تعاملاتها على تراجع بنسبة 2.23 في المائة، بينما بلغت نسبة التراجع في بورصة هونج كونج 2.25 في المائة، في حين سجلت بورصة شنغهاي تراجعًا بنسبة 0.96 في المائة. وقد تسبب هذا النبأ في صدمة كبيرة للمستثمرين.
وصرحت إيبيك أوزكارديسكايا، المحللة في مجموعة "سويسكوت" المصرفية، بأنه "لا توجد رغبة في المجازفة في أسواق المال"، موضحة أن الأجواء السائدة في السوق تجعل من المستبعد أن يقدم المستثمرون على توظيف أموالهم دون تأمين أنفسهم وحمايتها من الخسائر المحتملة.
وكان المفاوضون الروس والأوكرانيون قد اتفقوا يوم الخميس الماضي على إقامة "ممرات إنسانية" لإجلاء المدنيين، إلا أن روسيا استمرت في شن ضرباتها العنيفة على المدن الأوكرانية.
وظلت الاستثمارات الأكثر أمانًا، التي يلجأ إليها اللاعبون في السوق كملاذ في أوقات عدم اليقين، عند مستويات مرتفعة.
وانخفضت السندات الحكومية الأمريكية لأجل عشرة أعوام إلى 1.79 في المائة، مقارنة بـ 1.87 في المائة يوم الأربعاء عند الإغلاق. أما المعدل الألماني لعشرة أعوام، الذي يُعد مرجعًا أساسيًا في أوروبا، فقد تراجع إلى "- 0.02 في المائة، مقارنة بـ + 0.02 في المائة في اليوم السابق عند الإغلاق".
وكانت الشركات الأشد قربًا من روسيا، مثل المصارف وشركات السيارات، من بين أكبر الخاسرين يوم أمس.
ففي باريس، انخفضت أسعار أسهم "سوسييتيه جنرال" بنسبة 6.25 في المائة، لتصل إلى 21.69 يورو، في حين تراجعت أسعار أسهم "رينو" بنسبة 6.22 في المائة، لتصل إلى 22.69 يورو.
أما أسهم "ميشلان"، التي ستضطر إلى وقف الإنتاج في بعض مصانعها في أوروبا بسبب المشكلات "اللوجستية" التي تسببت فيها الحرب، فقد خسرت 5.59 في المائة، لتصل إلى 11.70 يورو.
وفي فرانكفورت، تراجع سعر سهم "يونيبر"، التي كانت تشارك في بناء خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2، بنسبة 12.34 في المائة، ليصل إلى 17.97 يورو.
وشمل التراجع المصارف، بما في ذلك "دويتشه بنك" (الذي تراجع بنسبة 6.42 في المائة، ليصل إلى 9.45 يورو)، وشركات السيارات مثل فولكسفاجن (التي تراجعت بنسبة 6.14 في المائة، لتصل إلى 145.82 يورو).
ووفقًا لـ "رويترز"، تراجعت الأسهم الأوروبية يوم أمس، مسجلة بذلك خسائر للأسبوع الثالث على التوالي.
وانخفض مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 1.4 في المائة خلال تعاملات يوم أمس، بعد تراجع الأسهم الآسيوية إلى أدنى مستوياتها في 16 شهرًا.
وتقع الأسواق الأوروبية في قلب موجة بيع أذكتها المخاوف الناجمة عن قرب المنطقة الجغرافي من روسيا، واعتمادها الكثيف على واردات الغاز الروسية. وفي المقابل، افتتحت المؤشرات الرئيسة في وول ستريت تعاملاتها على انخفاض يوم أمس، وسط مخاوف من الصراع المتصاعد في أوكرانيا، الذي طغى على أثر البيانات التي أظهرت تسارع نمو الوظائف خلال الشهر الماضي.
وانخفض المؤشر داو جونز الصناعي بواقع 139.23 نقطة، أو بنسبة 0.41 في المائة، عند الفتح، ليصل إلى 33655.43 نقطة. كما افتتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 تعاملاته على انخفاض قدره 21.37 نقطة، أو بنسبة 0.49 في المائة، مسجلًا 4342.12 نقطة، في حين خسر ناسداك المجمع 82.71 نقطة، أو بنسبة 0.61 في المائة، ليصل إلى 13455.23 نقطة.
وفي اليابان، تراجعت الأسهم اليابانية إلى أدنى مستوياتها في قرابة أسبوعين يوم أمس، مع تصاعد حدة القتال في أوكرانيا، إلا أن مؤشر نيكاي تفادى تسجيل أدنى إغلاق له منذ 15 شهرًا، مع استقرار السوق خلال جلسة منتصف النهار.
وأنهى "نيكاي" تعاملات يوم أمس منخفضًا بنسبة 2.23 في المائة، ليغلق عند 25985.47 نقطة، بعد تراجعه بنسبة 3 في المائة في الصباح، ليلامس 25774.47 نقطة للمرة الأولى منذ شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2020.
وتراجع مؤشر توبكس الأوسع نطاقًا بنسبة 1.96 في المائة، ليصل إلى 1844.94 نقطة، ليعوض بذلك خسائره في وقت سابق من الجلسة، عندما نزل بنسبة 2.42 في المائة.
وانخفض مؤشر نيكاي للأسبوع الثالث على التوالي، مسجلًا تراجعًا بنسبة 1.86 في المائة، كما تراجع مؤشر توبكس بنسبة 1.67 في المائة، في ثالث انخفاض أسبوعي على التوالي أيضًا.
وتراجعت جميع المؤشرات الفرعية على مؤشر نيكاي يوم أمس، إلا أن أسهم قطاع الطاقة كانت الأقل انخفاضًا، إذ تلقت دعمًا من الزيادة في أسعار النفط، بفعل المخاوف المرتبطة بروسيا.
وسجل سهم هينو موتورز أكبر انخفاض على مؤشر نيكاي من حيث النسبة المئوية، إذ هوى بنسبة 14.76 في المائة، بعد تقرير نشرته وسائل إعلام محلية، ذكر أن الشركة المصنعة للشاحنات تخضع لتحقيق بسبب بيانات الانبعاثات. وتراجع سهم الشركة الأم، تويوتا موتور، بنسبة 3.57 في المائة.
كما انخفضت أسهم شركات صناعة الرقائق الإلكترونية، وتراجع سهم طوكيو إلكترون بنسبة 3.82 في المائة، في حين نزل سهم أدفانتست بنسبة 4.12 في المائة.
وارتفعت أسهم قطاع الشحن، وزاد سهم "ميتسوي أو.إس.كيه لاينز" بنسبة 3.86 في المائة، وصعد سهم "نيبون يوسن كيه.كيه" بنسبة 1.45 في المائة.
وعربيًا، شهدت بورصتا الإمارات تراجعًا يوم أمس، شأنها شأن الأسواق العالمية، إذ أثر التوتر المتزايد الناجم عن الصراع الروسي الأوكراني في المعنويات، وأوقف سلسلة مكاسب أفرزها ارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية.
سيطرت القوات الروسية في أوكرانيا على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، مما تسبب في حالة من الفزع في الأسواق المالية يوم أمس قبل أن يتم إخماد الحريق.
وتواصلت الخسائر التي تكبدتها الأسهم العالمية على مدار الأسبوع، إذ تهافت المستثمرون على السندات الحكومية والذهب كملاذات آمنة.
وصرح وائل مكارم، كبير محللي أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى "إكسنس"، بأن "البورصة في دبي قد افتتحت تعاملاتها على تراجع، حيث عمد المستثمرون إلى تأمين مكاسبهم بعد أسبوع من الزيادات الكبيرة".
وفي دبي، هبط مؤشر الأسهم الرئيس بنسبة 0.9 في المائة، ليصل إلى 3449 نقطة، منهيًا بذلك سلسلة مكاسب استمرت خمسة أيام.
وكان قطاعا الخدمات المالية والاتصالات من بين أكبر الخاسرين.
وسجل المؤشر أقوى أداء أسبوعي له في أكثر من شهرين، بمكاسب بلغت 4.1 في المائة.
وتراجع مؤشر أبوظبي بنسبة 0.6 في المائة، ليصل إلى 9683 نقطة، مسجلًا أول هبوط له في ست جلسات.
وصعد المؤشر بنسبة 6.1 في المائة على أساس أسبوعي، ليسجل بذلك أكبر مكاسبه الأسبوعية منذ شهر كانون الثاني (يناير) من عام 2021.
وهبط سهم بنك الإمارات دبي الوطني بنسبة 2.9 في المائة بعد تداوله دون الحق في توزيع الأرباح.
وفي الأردن، ارتفع الرقم القياسي العام لأسعار الأسهم المدرجة في البورصة الأردنية بنسبة 1.03 في المائة، ليختتم تداولات الأسبوع عند مستوى 2152.7 نقطة.
وبلغ المعدل اليومي لحجم التداول في بورصة عمّان خلال الأسبوع الماضي نحو 5.2 مليون دينار أردني، مقارنة بـ 4.8 مليون دينار أردني في الأسبوع السابق، أي بنسبة ارتفاع بلغت 8.9 في المائة، في حين بلغ حجم التداول الإجمالي الأسبوعي نحو 26.2 مليون دينار أردني، مقارنة بـ 24 مليون دينار في الأسبوع السابق.
أما عدد الأسهم المتداولة التي سجلتها البورصة خلال الأسبوع المنصرم، فقد بلغ 24.4 مليون سهم، نُفذت من خلال 10607 صفقات.